يداوم موسى يوميًا على التنقل بين قرى مديرية المخا والمديريات المجاورة، حاملًا على ظهره حزمة من الملابس الجديدة، قاصدًا بيعها لأبناء تلك القرى.

يقول موسى بأنه مارس هذا العمل، بعد أن فقد عمله كمهندس مكانيك بإحدى المصانع التي قصفت بمحافظة الحديدة، وهو القصف الذي جعله يترك منزله لينجو واسرته- زوجة وطفلتين- ذلك ان نيران الحرب كانت تشتعل في الحديدة منتصف العام الماضي 2018، لينزح إلى مدينة المخا بمحافظة تعز.

موسى هو أحد النازحين المستهدفين بمشروع المأوى الطارئ والانتقالي والمواد غير الغذائية وإدارة المخيمات وسبل العيش للنازحين الذي تنفذه منظمة أجيال بلا قات في مديرية المخا، والممول من صندوق الدعم الإنساني YHF، تم دعمه بمبلغ مالي لمزاولة عمل يعود عليه بالربح.

"لقرابة الخمسة أشهر بعد نزوحنا كنت لا اعمل شيئا، فقط جالس في البيت، يتحدث موسى بلهجته التهامية، ويواصل: بحثت عن عمل ولم أجد، أنظر لعيون صغاري ولا أدري، ماذا أفعل، وماذا سيحل بهم، (يتنهد)، لكن الحمد لله أن ربي يسر، وجاءت منظمة أجيال بلا قات، وسجلونا معهم في هذا المشروع".

يضيف: طرأت لي فكرة بيع الملابس والتجول للمساكن، كونه مشروع سيجني لي ربح لا بأس به، ثم أن الملابس لا خوف عليها، من أن يقرح" خسارة" عليك الضمار" رأس المال".

يعود موسى بمتوسط ربح يومي 2000 ريال يمني (ما يقارب 3,5 دولار امريكي)، قانع به وراضٍ، يوفر به حاجات البيت الضرورية، ثم أنه استقر نوعًا ما نفسيًا، بعد أن كان يتلبسه اضطراب وقلق، ويشعر بالكأبة، قبل ممارسته هذا العمل وجلوسه في البيت، حد تعبيره.

"في الحقيقة، لا أستطيع أن أوفي كلمات الشكر لمنظمة أجيال بلا قات وما قدموه لنا، فالعَالِم الله كيف كان الحال، بعت ذهب زوجتي، واستلفنا المال من هنا وهناك، وكيف أصبحنا اليوم، والحمد لله راضين بما هو موجود، أشكر كل القائمين على هذا العمل اللي رد لنا النفس، وإن كانت حياتنا ستعود بأكملها عندما تتوقف الحرب ونعود لمنازلنا، قريب يا رب"، يقول موسى ذلك بصوت مكلوم، واكفه المرتعشة مرفوعة إلى السماء.