النزاع لأجل الحصول على ابسط الحقوق.

النزاع لأجل الحصول على ابسط الحقوق.
  

بعد سنوات من الحرب، لا يزال اليمن يحمل عنوانًا لا يحسد عليه لأسوأ أزمة إنسانية في العالم. كان للنزاع في اليمن تأثير سلبياً على السكان دون استثناء.

أدت الحرب التي طال أمدها، الى تدهور الوضع الإنساني والأمني والاقتصادي وحتى الاجتماعي في العديد من المحافظات التي طالتها نار الحرب، ولاقت نصيبها من المواجهات المسلحة. ليمتد الى محافظة تعز اليمنية، المحافظة المسالمة والمدينة الحالمة بلدة الثقافة وقبلة الادباء والكتاب والباحثين والمتغنيين بالجمال، ليتبعه انعدام أشبه أن يكون تام للخدمات الأساسية في جميع القطاعات الإنسانية كالصحة والمياه والنظافة والتعليم ليكون انعدام الامن على رأس الهرم، وكل هذا نتاج عن توقف العمل في جميع مكاتب الدولة وأجهزتها التنفيذية في المحافظة مع بداية المواجهات التي شهدتها المحافظة مطلع العام 2015 ليصبح المتهم الوحيد بهذا كله "الحرب".

 

قد يؤدي انعدام الخدمات التي تلبي الاحتياجات الأساسية للإنسان الى الشعور بالقلق حيال ما سيؤول اليه الحال، خصوصا في أوضاع الحرب، إن من الخدمات الأساسية التي يجب التماسها والوصول اليها هي الحصول على المياه النظيفة، كونها المعين الوحيد للبقاء على قيد الحياة.

كما هو الحال مع محمد ذي الـ "40" عاماً، والذي كان يعتمد هو واسرته، بالإضافة إلى 30 أسرة أخرى يعيشون في نفس الحي الذي يعيش فيه، في حصولهم على مياه نظيفة باعتمادهم على "عين الماء" التي تقع في منطقة أعلى منازلهم الواقعة في أحد الاحياء جنوبي مدينة تعز،

تسبب تراكم النفايات التي يلقيها السكان الواقعة منازلهم أعلى عين الماء، في تلوث المياه، وهو ما أدى إلى حرمان الاسر الثلاثون بما فيها اسرة محمد من الحصول على المياه النظيفة. الأمر الذي اضطر الاسر المتضررة الى إطلاق مناشدات لرفع المخلفات والتوقف عن رميها على عين الماء، طالت هذه المناشدات أهالي المنطقة التي تعلو عين الماء لتصل الى مكتب النظافة والتحسين في المحافظة، لكن دون جدوى. ليستمر الحال كما هو عليه فترة طويلة مع تراكم متزايد للنفايات بشكل ينذر بانتشار الأوبئة.

صنف اليمن بأنه من أشدّ الدول النامية ذات الاقتصاد المتدهور، لذا أدى الركود الاقتصادي في اليمن، إلى انخفاض أسعار العملة المحلية للبلاد أمام العملات الأجنبية، ليفاقم من معاناة الملايين من اليمنيين، لتبقى أسعار السلع الأساسية بارتفاع دائم، جعلت اغلب السكان عاجزين أمام الحصول عليها.

كما هو حال ملايين السكان، يقول محمد: "لقد عانينا جميعا بشكل كبير من هذه المشكلة التي أجبرتنا على العودة للحياة البدائية، باضطرارنا الى جلب الماء بواسطة الجالونات المحمولة بالأيدي، وهذا تسبب لنا بمشقة كبيرة".

بعد انقطاع الخدمات "أهمها المياه" عن مدينة تعز بشكل نهائي مهددة السكان بكارثة إنسانية، لجأ الناس الى شراء المياه المحمولة بالشاحنات وهي الطريقة الوحيدة للحصول على المياه خلال سنوات الحرب، لكن هذا الامر أصبح حكراً على العائلات التي دخلها المادي جيد، وهذا يرجع الى سعرها المرتفع والمتناقض تماما  مع دخل غالبية السكان، إذ يصل سعرها إلى ما يعادل نصف الدخل الشهري لبعض الاسر وأحيانا يكلفهم ثلثي دخلهم الشهري.

يعلق محمد عن هذا الامر قائلا: "يعجز اغلبنا عن شراء الماء المحمول بالشاحنات بسبب غلاء قيمتها إذ يصل قيمة شاحنة بسعة 3000 لتر، الى عشرون ألف ريال، وإن استطاع بعضنا جلب المياه، ليس بمقدور الشاحنات الوصول إليهم، لأننا في اسفل الجبل."

إن وقوع البلدان في مستنقعات الحروب، ينشئ بيئة خصبة لانتشار المظاهر المسلحة الامر الذي يؤجج الصراعات الداخلية والنزاعات المسلحة، بين سكان المدينة الواحدة، ليصنع بذلك مجتمع غير آمن، يسوده الجهل بالطرق السلمية لحل النزاعات، ليبقى الرصاص هو لغة الحوار

أدت كل هذه المشكلات إلى تفاقم معاناه الاسر التي حرمت من المياه، الامر الذي أودى الى نشوب النزاعات بينهم، وبين السكان اللذين أعلى من عين الماء، كادت أن ترقى إلى ان تكون نزاعات مسلحة ستسلب منهم الكثير.

بروح الشباب الممتلئة بالطاقة الإيجابية والداعية إلى بناء السلام المجتمعي، ونبذ العنف، الساعية الى تغليب المصلحة العامة، ليعم الامن في المجتمع الواحد، وبهمتهم العالية كعلو فكرهم السلمي الساعي الى تحقيق مبادئ النشاط السلمي في مجتمع انهكته الحرب، نفذت منظمة شباب التجديد مشروعها الموسوم بـ " تعزيز جهود الوساطة المجتمعية في حل النزاعات المحلية." والممول من منظمة أجيال بلا قات للتنمية والتوعية، ضمن برنامج "تعزيز المشاركة المجتمعية وبناء قدرات منظمات المجتمع المدني والمبادرات الشبابية والنسائية وتفعيل أدوارهم في المجتمعات المحلية"، والممول من منظمة كير العالمية، حيث يستهدف البرنامج العديد من منظمات المجتمع المدني والمبادرات الشبابية والنسائية بمنح صغيرة لتنفذ من خلالها العديد من المشاريع في إطار بناء السلام المجتمعي.

يقول محمد بملامحه التي مالت الى الحزن: "قبل تخل المشروع، كانت مسألة حصولنا على المياه النظيفة ضمن قائمة الهموم الكثيرة في حياتنا اليومية لترقى إلى أن تكون همنا الأكبر، لقد وصلت معاناتنا من المشكلة حد حرمان أبناءنا من الوصول الى التعليم بسبب انشغالهم بجلب المياه بأيديهم من أماكن بعيدة، مما قد يعرضهم في بعض الأحيان لخطر الحوادث".

لقد ساهم المشروع بشكل كبير في حل المشكلة التي عانى منها محمد وجيرانه طويلا، إذ عمل المشروع على حل النزاعات التي نشأت في المنطقة، من خلال رفع المخلفات التي كانت تغطي موقع عين الماء وتلوثها بالإضافة الى حمايتها من خلال تركيب سور حديدي لمنح رمي المخلفات مرة أخرى، ليتم بعد ذلك رفع وعي السكان بأهمية النظافة من خلال جلسات توعية ميدانية وتركيب لوحات تدعو الى أهمية النظافة ووضع المخلفات في اماكنها المخصصة.

يختتم محمد بسعادة: " لقد أصبح الان مكان عين الماء نظيفا بشكل كبير وهذا الامر يشعر 30 اسرة بالارتياح، حتى ان الأهالي الان أصبح لديهم الوعي الكامل حول أهمية النظافة وتغير سلوكهم الامر الذي جعلهم يحملون القمامة الى أماكنها المخصصة، حتى لو كانت بعيدة، ونحن سعيدون بذلك لأننا لن نضطر لإرسال اطفالنا للحصول على المياه من أماكن بعيدة كما اننا لن نضطر لصرف المبالغ للحصول على المياه."، " كم هو جميل ان تحصل على المياه النظيفة دون عناء ".

 

شارك :
التعليقات
التعليقات
  • لا يتوفر اي تعليق
اترك تعليقك
إرسال التعليق

اليمن – تعز (الفرع الرئيسي) – شارع الأجينات.

صنعاء- شارع حدة – مقابل كافية بالم.

إب - شارع تعز - جنب مستشفى الشفاء.

عدن - شارع المعلا

المخا - شارع الدائري

الحوبان - الى جانب مصنع البسكويت

ساعات العمل
  • الأحد - الأربعاء :
    08.00 صباحاً - 03.00 مساءً
  • الخميس :
    08.00 صباحاً - 02.00 مساءً
  • الجمعة - السبت :
    اجازة الأسبوع
اشترك معنا لتصلك اخر اخبارنا
تواصل معنا في السوشال ميديا