في ضل سنوات من الحرب، لا يزال اليمن يحمل عنوانًه الذي لا ينازعه عليه بلد آخر ليصنف كأسوأ أزمة إنسانية في العالم. كان للنزاع في اليمن تأثيرات سلبية على جميع افراد المجتمع رجالا ونساء شباب فتيات وحتى أطفال.
يعتبر اليمن واحدا من أفقر الدول في العالم بسبب الازمات الاقتصادية التي شهدها البلد السعيد خلال سنوات الحرب ليصبح السعيد قديما، حزينا.
لقد اضحى الكثير من أصحاب المشاريع الصغير والمدرة للدخل المحدود عرضة للوقوع في قائمة الفئات الأشد فقرا خصوصا بعد تدهور الوضع الاقتصادي الذي يشهده اليمن منذ بداية الحرب.
بنبرة يعلوها الألم يقول العم فؤاد 45 سنة " لقد سرقت الحرب مني الكثير" ليسرد لنا بعدها بداية قصته الموجعة التي يتجلى ملامحها لمجرد اللقاء به.
على الرغم من معاناته التي سببتها له الحرب والأزمات المتعاقبة، يتمتع فؤاد بنوع من التفاؤل وحب العمل والشعور بالمسؤولية تجاه اسرته التي لا تملك معيل لها غيره.
في فترة ما قبل احداث العام 2015 كان فؤاد يملك مشروعه الصغير والمتمثل في ورشة للحام الحديد وبسبب الحرب، اضطر فؤاد الى ترك مشروعه الصغير والذي كان بمثابة المصدر الوحيد لدخله المحدود والذي كان يجنيه ليسد حاجته واسرته.
بسبب انعدام فرص العمل خصوصا في مدينة تعز وبعد ان اضحى بلا عمل، انتقل العم فؤاد للعمل في احدى الجهات الحكومية المتخصصة في نزع الالغام الأرضية ومخلفات الحرب، لتبدأ معه فصل معاناته الكبير والذي يتعاظم أثره كلما فكر فؤاد "كيف كان، وكيف أضحى".
اثناء عمله الجديد تعرض فؤاد لحادث مروع تمثل بانفجار لغم ارضي فقد على إثره كلتا قدميه وإحدى يديه، ليصبح معاقا جسديا، لا يقدر على المشي والتنقل إلا بواسطة كرسيه المتحرك الذي يقوده به أحد أبنائه.
أدى الحصار طويل الأمد، والقتال في تعز إلى زيادة معاناة السكان، واعاقة قدرتهم على تحقيق احلامهم البسيطة، بل والحصول على ابسط ما يمكنهم من العيش بسلام في ضل حرب لا علاقة لهم فيها، حلم العم فؤاد في الحصول على فرصة عمل تمكنه من مواصلة العيش، لكن اعاقته كانت بحد ذاتها عائقا أمام حلمه المنشود.
وكعائد من الموت، قرر فؤاد خلق فرصة عمل لنفسه عن طريق انشاء بسطة صغيرة لبيع الخضار في أحد شوارع مدينة تعز، ولكن، بسبب قلة التمويل الذي في بسطته الصغيرة، لم يكن فؤاد راضيا عن الدخل الذي كان يجنيه لأنه لم يكن كافيا ليلبي الاحتياجات الأساسية له ولعائلته.
عانى الكثير من فئات المجتمع خصوصا فئة الشباب، من الصراع الداخلي، كونهم ماهرين، ولكنهم لم يتمكنوا من العثور على وظائف لإعالة أنفسهم وعائلاتهم، خاصة في الأوقات الصعبة التي تشهدها اليمن من تدهور اقتصادي وتفشي فيروس Covid-19، ليكون فؤاد أحد هؤلاء الذين عانوا، حيث تدهور مشروعه الصغير، الذي اضحى مصيره الى الفشل، بسبب ارتفاع أسعار العملات امام الريال اليمني.
لحسن حظ فؤاد، ، نفذت مؤسسة انقاذ للتنمية، بتمويل من منظمة أجيال بلا قات، مشروع "التمكين الاقتصادي لذوي الإعاقة الحركية" يأتي هذ المشروع في اطار برنامج، "تعزيز المشاركة المجتمعية وبناء قدرات منظمات المجتمع المدني والمبادرات الشبابية والنسائية وتفعيل أدوارهم في المجتمعات المحلية"، الذي تنفذه منظمة أجيال بلا قات للتنمية والتوعية بتمويل من منظمة كير العالمية، والذي من خلاله حصلت مجموعة من منظمات المجتمع المدني والمبادرات الشبابية والنسائية في محافظة تعز، على منح صغيرة لتنفيذ عدة مشاريع.
يقول فؤاد بملامح يعتليها نوع من السعادة بدت على محياه المنهك: "كنت محبطاً للغاية قبل تدخل انقاذ". "لقد شجعني الدعم الذي تلقيته على العودة الى العمل وبقوة وشغف بالإضافة الى اعطائي الرغبة في تطوير مشروعي الصغير".
بعد حصوله على الدعم أصبح لدى فؤاد مصدر دخل مرضٍ يمكنه من العيش بكرامة في ضل الإعاقة التي يعاني منها، حيث قام فؤاد بتطوير مشروعه المتمثل، ببسطة لبيع الخضار بمساحة 3 أمتار فقط، لتصبح بمساحة 6 أمتار ولا تقتصر على بيع الخضار فحسب بل توجه أيضا لبيع البهارات.
يختتم فؤاد: "بفضل منظمة أجيال بلا قات ومؤسسة انقاذ انا الان اشعر بأن وضعي عاد نوعا ما الى ما قبل الحرب، أشعر الان بارتياح ورضى كبيرين".